العين عضو معقد للغاية، ويتكون من هياكل معقدة تجمع بين عدة أنواع من الأنسجة المتخصصة. في ظل الظروف العادية، تعمل هذه الهياكل معًا بسلاسة لتوفير صور واضحة للعالم من حولنا بالإضافة إلى الحفاظ على ضغط العين. ومع ذلك، عندما تحدث أمراض العين، تتغير الخصائص الميكانيكية الحيوية لمكونات العين، مما يعطل عملها الطبيعي. والأهم من ذلك، أن التغيرات في الخصائص الميكانيكية الحيوية للعين غالبًا ما تؤدي إلى أمراض بصرية كبيرة وفقدان الرؤية.
من أجل دراسة وتشخيص ومراقبة أمراض العين، من الضروري قياس الخصائص الميكانيكية الحيوية للعين، مثل تصلب العين. في حين تم اقتراح عدة طرق لتحقيق هذه الغاية، فإن معظمها غير قابل للتطبيق في الممارسة السريرية بسبب القيود المتأصلة فيها. على سبيل المثال، يعاني التصوير بالرنين المغناطيسي من طول فترات المسح، مما يؤدي إلى أخطاء في القياس بسبب حركات المريض؛ ويأتي أيضًا بتكلفة عالية.
يُعد تصوير مرونة التماسك البصري الانعكاسي (RevOCE) نهجًا واعدًا أكثر في هذا الصدد، حيث يقدم قياسات عالية الدقة لمرونة أو تصلب هياكل العين. تستخدم هذه التقنية مصدر ضوء منخفض الطاقة لمسح الحجم المستهدف والتقاط نمط الموجات الميكانيكية التي تنتشر عبر الأنسجة، واستخدامها لإنشاء خرائط ثنائية أو ثلاثية الأبعاد تشير إلى مرونة المنطقة.
يتطلب RevOCE وجود حقول موجة القص الصدى – موجات ميكانيكية تغمر الحجم المستهدف وتنتج أنماط تداخل معقدة – والتي يصعب توليدها. تعتمد الطرق المتاحة حاليًا لهذا الغرض على الهزازات الميكانيكية التي يجب أن تكون على اتصال مباشر بأنسجة العين الحساسة.
على هذه الخلفية، يقوم فريق بحث من جامعة هيوستن في تكساس بريادة طريقة جديدة لتوليد موجات القص الانعكاسية التي من شأنها أن تجعل RevOCE غير باضع مع الحفاظ على دقة رائعة. وكانت النتائج التي توصلوا إليها، والتي يمكن أن تُحدث ثورة في كيفية دراستنا لمكونات العين وخصائصها الميكانيكية الحيوية نشرت مؤخرا في ال مجلة البصريات الطبية الحيوية.
في دراستهم، اقترح الباحثون نظامًا مصممًا خصيصًا لقوة الإشعاع الصوتي متعدد البؤر (ARF)، والذي يستخدم مولد الموجات فوق الصوتية مقترنًا بمجموعة من العدسات الصوتية كمصدر للإثارة. تقوم هذه العدسات “بتوجيه” الموجات فوق الصوتية لإنشاء ثلاثة حزم ARF مركزة ومتميزة يفصل بينها بضعة ملليمترات. إنها تحفز المنطقة المستهدفة داخل العين ميكانيكيًا، وتولد موجات قص ترددية يمكن التقاطها بواسطة جهاز التصوير المقطعي التوافقي البصري ومعالجتها من أجل RevOCE.
اختبر الباحثون نهجهم على كرات عين الفئران خارج الجسم الحي، مؤكدين أنه يمكنهم بنجاح إنتاج خرائط لسرعات موجة القص داخل هياكل العين المختلفة في وقت واحد، بما في ذلك القرنية والقزحية والعدسة والصلبة وشبكية العين.
علاوة على ذلك، كشف تحليل مقارن للنتائج أن أجزاء مختلفة من العين، مثل المنطقة القمية من القرنية ومنطقة الحدقة في القزحية، كانت لها سرعات موجة قص مختلفة بشكل كبير، مما يشير إلى تصلب واضح. ومن المثير للاهتمام أن مناطق مختلفة داخل نفس مكون العين، مثل قمة القرنية ومحيطها، أظهرت اختلافات في سرعة موجة القص. وهذا يعني أن الهياكل التي تبدو موحدة في العين لها خصائص ميكانيكية حيوية غير موحدة، والتي يمكن أن تكون أساسية لعملها السليم.
يتمتع RevOCE متعدد البؤر المستند إلى ARF بالقدرة على أن يصبح أداة قوية لتحسين تشخيص وعلاج أمراض العين. توفر الإستراتيجية المقترحة دقة فائقة مقارنة بتطبيقات RevOCE السابقة، مما يوفر قياسات أكثر دقة. يمكن أن يمكّن العلماء والأطباء من تحليل العلاقات الميكانيكية الحيوية داخل وبين المكونات بين هياكل العين.
وهذا بدوره يمكن أن يتيح فهمًا أكثر شمولاً لأمراض العين والشيخوخة. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد هذا النهج الأطباء في تشخيص ومراقبة تطور مرض الجلوكوما. علاوة على ذلك، يمكن استخدامه لتقييم فعالية العلاجات وآثارها الجانبية بالإضافة إلى تصميم التدخلات الطبية المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات كل مريض.